البوست إللي فات إتكلمنا فيه عن الفيلم إللي عمله "ميكي ميستراتي" عن عمل الأطفال في مزارع جني الكاكاو لصالح شركات تصنيع الشيكولاتة و المكاسب الرهيبة إللي بتكسبها الشركات دي و إللي بتيجي من الإتجار بأطفال الدول المحيطة بساحل العاج للعمل بالسخرة داخل البلاد و عمليات تهريبهم و شفنا أن الإتفاقيات إللي بتقوم بيها المنظمات العالمية و إللي بتنشرها علي مواقعها الرسمية و التقارير إللي بتكتبها كل سنة عن التطوير إللي بيحصل علي الأرض كله نصب في نصب. و في النهاية حتي طلب "ميكي" للرد من الشركات دي قابله رفضها كلها التعليق علي الفيلم و هو إللي بيمثل إعتراف ضمني بالمعرفة باللي بيحصل علي أرض الواقع.
إللي قامت بيه الشركات دي إنها عملت حملات إعلامية و فيديوهات علي مواقعها الرسمية و طلعت المتحدثة الإعلامية بإسم كبري شركات تصنيع الشيكولاتة في البرامج التليفزيونة و اتكلمت عن البرامج التعليمية إللي بتقوم بيها الشركات دي في ساحل العاج علشان تمنع الأطفال من العمل في المزارع. البرامج كانت عبارة عن مدارس تحتوي الأطفال و تخليهم يلتزموا بنظام تعليمي يبعدهم عن العمل و فصول تعليمية في المزارع لتعليم المزارعين و العاملين في المزارع لزوم التوجيه و التدريب و التثقيف. الشركات صورت كل دا بالفيديو و نشرته علي مجال واسع و عملت حملة ضخمة جداً لتحسين صورتها.
في سنة ٢٠٠١ الإتفاقية إللي مضت عليها الشركات دي ألزمتها بإنشاء مباردة تحقق الهدف من الإتفاقية و هو منع الإتجار و عمل الأطفال من خلال برامج تصرف عليها الشركات. المبادرة دي إسمها "مبادرة الكاكاو العالمية - International Cocoa Initiative ICI".
"ميكي" قرر أنه يرجع تاني ساحل العاج و يزور المشروعات إللي ICI أعلنت عنها في إعلاناتها الموجهة للمستهلكين علشان يضميرهم يرتاح و هما مستمتعين بأكل الشيكولاتة أو حتي النيسكافيه بتاع الصُبح. و قبل ما يتحرك "ميكي"، شركة نستلة طلبت تعمل معاه مقابلة لكن بدون تصوير. نستلة بتحقق سنوياً عائد قدره ٨٦ مليار يورو. "خوسيه لوكاس"، المدير التنفيذي للشركة في سويسرا، عرض علي "ميكي" مجموعة من المواد اللي بتأكد أن الشركات بتعمل مشروعات بالفعل علي الأرض بتحدد من خلالها عملية الإتجار بالأطفال و عملهم بالمزارع. الشركة أعطت "ميكي" أوراق توضح المشروعات بالأماكن و الأسامي.
"ميكي" راح سفارة ساحل العاج علشان يطلع فيزا يقدر بيها يعمل زيارة للمزارع داخل البلد. و بالطبع السفارة ةفضت تديله فيزا و شرطت أنه لازم ياخد دعوة من واحدة من شركات الشيكولاتة. و طبعاً برضة كل الشركات رفضت تديله دعوة و كان رد المتحدثة الرسمية بأسم الشركات أنهم بيرفضوا يدوله أي دعوة لتصوير فيلم في ساحل العاج لأنه مش من إختصاصاتها.
فاكرين صديق "ميكي" الصحفي المراسل في رويترز داخل ساحل العاج "أنچي أبوا" ؟ طبعاً ميكي إتصل بيه علي طول علشان يتأكد من صدق الشركات دي بخصوص المشروعات إللي كلموه عنها. رد أنچي كان إنكار لكل الكلام دا. فما كان من ميكي إلا أنه سافر غانا و قابل أنچي علي الحدود مع ساحل العاج و اتفقوا علي أسلوب العمل لكشف كذب الشركات دي المستمر.
"ميكي" ماقعدش مستني نتائج عمل أنجي، لكنه بدأ عملية بحث في سبل مواجهة نفس اللأمر في غانا لأنها بتنتج ٢٥% من كاكاو العالم. قابل ميكي في غانا مؤسسة "سورس تراست – Source Trust" إللي هي منظمة مجتمع مدني بتحاول أنها تنظم عملية بيع الكاكاو من المزارع لشركات التصدير من خلال عمل سجلات لكل مزرعة و وضع أرقام لكل شيكارة أو كيس طالع من المزرعة عيه "باركود" و يتم تخزينه بالباركود علشان لو حبوا يرجعوا للمنتج الخاص بكل مزرعة يرجعوا بسهولة و في نفس الوقت بيعملوا رقابة علي المزارع نفسها من حيث ظروف العمل و نوع العمالة و إذا بيتم إستخدام أطفال وللا لا في عملية الجني. في غانا مفيش إتجار بالأطفال لكن أطفال غانا مش بيروحوا المدرسة و هما إللي بيشتغلوا في المزارع. و برغم دا كله إلا أن "سورس تراست – Source Trust" مسؤولة عن متابعة ٢% فقط من حجم الإنتاج في غانا.
في غانا في قانون بيحدد أقل ثمن يتم بيه شراء المحصول من المزارع و دا إللي بيخلي صاحب المزرعة بيكسب في محصوله ٣٠% عن اللي زيه في ساحل العاج. و برغم دا إللي ان برضة المكسب بيوصل حوالي ألف دولار في السنة إللي فيها المحصول كويس.
مدينة "بويجنيكرو" هي مركز إنتاج الكاكاو في ساحل العاج. الشركات الكبري فضلت أربع سنين ممتنعة عن انها تطلع قائمة بأسماء مشروعاتها في البلد و دا إللي أجبر طاقم الفيلم أنه يزور مشروعات عشوائية علشان بتأكدوا علي الأقل من أنها شغالة.
"أنچي" زار مدرسة بيتم تمويلها جزئياً من ICI. الشركات إللي ICI بمثلها مجموع مكسبها السنوي بيساوي ١٣٤ مليار يورو. في ٢٠١١، ICI صرفت ٣٨٨ الف يورو علي مجموع مشروعات التنمية إللي بتقول انها بتقوم بيها في ساحل العاج. المدرسة إللي بدأ بيها "أنچي" قالت ICI أنها صرفت عليها ١٠ الاف يورو علشان تبنيها. الصورة إللي أدامكم و إللي فيها أنچي جنب هياكل طوب غير مكتملة هو إلي قامت بيه ICI. أنچي لقي بناء غير مكتكل قامت بيه الكاريتاس بفلوس ICI. و السؤال إللي عندي أنا هو يا تري الكاريتاس إستخدمت الفلوس في إية و هي معروفة بنشاطها التنصيري في أفريقيا ؟ مدير المدرسة عرض علي طاقم الفيلم المبني القديم إللي بناه أهالي القرية من فلوسهم الخاصة و إللي بياخد ٥٠٠ طفل بس و هي فيها أكثر من الف طفل محتاجين لفصول تعليمية. المدير قال أن ICI طلبت من أهالي القرية المشاركة في جزء ضخم من عمليات البناء و قال ان ICI حتي مادفعتش ال ٦٠٠٠ يورو و هو الجزء الخاص بيهم خلال الأربع سنين إللي فاتت.
أنچي بعد كدا زار المدرسة إللي ICI بتقول في إعلاناتها انها أنجح مشروعاتها. "چوانا سكوت"، المتحدثة الرسمية بأسم صناع الشيكولاتة، اتكلمت عن المشروع دا بالأسم في وسائل الإعلام. أنچي لقي ٣ فصول جديدة فعلاً من سنة ٢٠٠٨ و لكنه لقي فصول تانية كانت وعدت ICI بترميمها و لم توفي بوعدها من ٤ سنين. مدير المدرسة قال لطاقم الفيلم أن الكاريتاس وعدت ببناء ٣ فصول تانية و سكن للمدرسين و ٣ طرمبات رفع مياة لأهل القرية و مركز طبي. ولا حاجة من الحاجات دي اتعملت. حتي الفصول الموجودة بتستوعب ٢٠٠ طفل من ال٨٠٠ اللي مفروض يبقوا بيحضروا. عدد كبير من أطفال المدرسة بيشتغل في مزارع الكاكاو و حتي أدوات الجني نفسها موجود علي باب الفصول منتظرة ميعاد إنتهاء الحصص.
أنچي بعد كدا إتجه ل"ميجوي" علشان يزور مزارع الكاكاو نفسها و يشوف الفصول إللي فيها. موقع شركة "كارجيل" عليه فيديو ترويجي لحصص المزارع دي بالذات إللي راح أنچي لزيارتها. و هي أماكن بيتم تمويلها و إدارتها من خلال "كارجيل" نفسها زي مااليافطة المتعلقة عند المزرعة إللي زارها أنجي بتقول. و هناك قابل طفلين من بوركينا فاسو بيتغلوا في الحقول و مالاقاش أي أثر للحصص دي غير اليافطة المتعلقة.
كمِّل بعد كدا أنچي رحلته لزيارة مزرعة تانية متعلق عندها يافطة خاصة بشركة "مارس - MARS". كان في المزرعة مجموعة كبيرة من الأطفال بيشتغلوا في المزرعة و لما سألهم عن الفصول قالوله أنها ساعات بتشتغل و لما سألهم عن نوع التعليم إللي بيتم فيها قالوله أنها بتعلمهم إزاي بتتم عملية جني الثمار و شقها ب"السِنَجْ" و إستخراج البذور لتجفيفها تحت الشمس.
و بكدا أنچي مالاقاش في رحلته للمشروعات إللي بتعلن عنها الشركات دي أي أثر علي الطبيعة. مجموعة أطفال و أهالي بيتم تنظيفهم و إلباسهم ملابس نظيفة علشان يطلعوا في الفيديوهات و يقولوا ان في عملية تغيير بالفعل بتحصل علي الأرض. كذب و تضليل و غش غير معقول من شركات ضخمة جداً بتخدم ملايين المستهلكين. و دا كان السبب إللي دفع الشركات دي إنها ترفض تدي "ميكي" الدعوة لزيارة البلد و تصوير الفضائح دي.
بعد ما تم تصوير المقاطع دي كلها و عمل كل الزيارات دي طبعاً نستلة عرفت باللي حصل و طلبت من "ميكي" أنه يزورها. الطلب دا جه بعد طلبين قبلهم. الأول قابلوه بالرفض و التاني مقابلة بدون تسجيل و دي كانت التالتة إللي وافقوا علي التصوير فيها. ميكي قابل "خوسيه لوكاس" المدير التنفيذي للشركة إللي قال له في حواره "إنه شيء جيد للمستهلك أن يعرف أن عملية تصنيع قطعة شيكولاتة ليست بالشيء الهين و أنها تأخذ الكثير من المجهود و العمل". دا كان رد الراجل إللي فشل في تجميل صورة شركته أدام العالم.
ميكي قابل كمان مدير شركة ICI إللي شافت الفيديوهات و الصور و انكرت في الأول ان يكون النموذج دا متكرر و وعدت بعملية متابعة للموضوع للتأكد من صحة الواقع دا لأنها "بتتعامل مع مؤسسات مجتمع مدني محلية و هي المسؤولة عن العمل هناك".
بعد المقابلات دي ميكي جاله إيميل من ICI قالوا فيه أن الأعمال إللي بدأت في ٢٠٠٩ ماخلصتش بسبب الوضع السياسي الغير مستقر جرَّاء العملية الإنتخابية في ساحل العاج في الوقت دا. الواقع أن الأزمة إللي اتكلمت عنها ICI كانت بين شهر ديسمبر ٢٠١٠ و غبريل ٢٠١١ و هي فترة ٥ شهور فقط. حتي أن عمليات بناء المدارس بدأت قبل الأزمة دي بسنة و نص و حتي مر علي إنتها الأزمة حتي تصوير الفيلم ٣ سنين. و مفيش حاجة اتعملت.
و دا كان رد الشركات.
الرد إللي يؤكد أنهم مصرين علي عدم تحمل مسؤولية الماضي.
الرد إللي يؤكد أنهم مصرين علي عدم التصحيح في المستقبل.
الرد إللي يؤكد أنهم مصرين علي إستكمال عمليات الغش و الكذب و التضليل تجاه مليارات من سكان الأرض بيكسبوا منهم مليارات سنوياً.
و الأكبر من دا هو الفائدة بتاعتنا إحنا. الفائدة إللي بتقول أن تقارير الأمم المتحدة الخاصة بعمليات التنمية في الدول الفقيرة، و إللي بلدنا واحدة منها: ليست محل صدق. بل للأسف هي محل كذب و تضليل. و أن ثقتنا في عمل المؤسسات دي تكاد تكون منعدمة و أننا لا يمكن نستأمنها علي تنمية أهلنا و أرضنا و بلدنا.
.
.
.
من الآخر ............ "ما حك ظهرك إلا ظفرك"
.
.
.
من الآخر ............ "ما حك ظهرك إلا ظفرك"
الفيلم الثاني : https://m.youtube.com/watch?v=Z5C7jmrycf0
0 التعليقات:
إرسال تعليق