آخر التعليقات

الخميس، 30 نوفمبر 2017

الكواليس وراء صناعة الشيكولاتة 1


سمعت قبل كدا عن "بروتوكول الكاكاو" ؟؟؟

في سنة ١٩٩٩ اجتمعت منظمة العمل الدولية - ILO، و هي وكالة تابعة للأمم المتحدة، مع رابطة صناع الشيكولاتة (Chocolate Manufacturers Association – CMA) للإتفاق علي بروتوكول لمنع "الإتجار" بالأطفال و عملهم بمزارع الكاكاو، إللي هو المادة الخام لتصنيع الشيكولاتة. و تم إقرار الإتفاق دا في العام ٢٠٠١ بإمضاء رؤساء شركات كبار مصنعي الشيكولاتة في العالم. كان من بين الشركات دي: كارجيل، و نستلة، و باري كاليبو، و هيرشي. كان الإتفاق بينص علي أن المنع يتم تفعيله من العام ٢٠٠٨ و هو في حد ذاته إقرار بوجود إتجار و إستخدام للأطفال في عمليات جني محصول الكاكاو و برغم الإقرار دا إلا أن الشركات اتفقت علي منعه بعد الإتفاق ب٧ سنين. ٧ سنين مش مشكلة عندهم أنهم يستغلوا الأطفال لغاية ما يلاقوا بديل. و لأن الأطفال دي مش في بلد ذات أهمية بالنسبة لهم و لأن تجارتهم الرابحة أكثر نفعاً من الحفاظ علي أطفال بلاد تانية فلا بأس ان يتم إستخدام جيل أو اتنين لغاية ما يظبطوا نفسهم علي الإستغناء عن العمالة دي.


في سنة ٢٠١٠ أنتجت شركة "باسترد فيلم – Bastard Film" المملوكة للصحفي الدنماركي "ميكي ميستراتي" فيلم تسجيلي عن الجانب المجهول من صناعة الشيكولاتة. الجانب إللي صناع الشيكولاتة عمرهم ما كانوا هايكلموا زبانيهم عنه. الفيلم أسمه "الجانب الأسود من الشيكولاتة - The Dark Side of Choclate".
كل إللي عمله "ميكي" أنه بدأ بزيارة مدينة "كولونيا" بألمانيا. في كولونيا بيتعمل كل سنة معرض ضخم جداً لصُنَّاع الشيكولاتة بيعرضوا فيه آخر منتجاتهم و أهم إبتكاراتهم في الشكل و الطعم. "ميكي" قابل هناك العارضين من كل الشركات الكبيرة و سألهم عن مصدر الكاكاو و سألهم عن مدي معرفتهم بقصة إستخدام الأطفال في المزارع و الإتجار بيهم إللي بيتم علشان يشتغلوا بالسخرة. من ضمن الشركات كانت شركة "باري كاليبو – Barry Callebaut" إللي هي أكبر مورد للكاكاو في العالم. كان الطبيعي أنه مايلاقيش رد عند كل العارضين و يلاقي جهل كبير عندهم لأن مش من الطبيعي أن الشركات دي تفضح نفسها حتي لموظفينها.
أول حاجة عملها "ميكي" أنه سافر دولة مالي. و مالي هي الدولة المجاورة لدولة "ساحل العاج" إللي هي أكبر مورد للكاكاو في العالم بنسبة ٤٢% و من بعدها دولة "غانا"، جارتها الأخري، بنسبة ٢٥%. و هناك سأل السلطات إللي أنكرت أي نوع من أنواع الإتجار بالأطفال و دا إللي خلاه يتعامل مع المواطنين إللي شغالين في العمل الأهلي علشان يتأكد بنفسه.
"يوشع تراوري" مواطن مالي عنده عيادة بسيطة بيساعد بيها الفقراء و بيحاول يساعد الأطفال إللي بيتم خطفهم من القري أو الضحك عليهم بأن شغلهم في الحقول هايخليهم يكسبوا فلوس كثير. "يوشع" قال لطاقم الفيلم أن الأطفال بيتم نقلهم من القري بالأوتوبيسات لمدينة "زيجوا" إللي علي الحدود بين ساحل العاج و مالي. و هناك بيتم نقلهم بإستخدام موتوسيكلات لداخل ساحل العاج و من هناك بيستقبلهم موتوسيكلات تانية من الجانب الآخر علشان يوصلوهم لأصحاب الحقول.
في طريقهم ل"زيجوا" مر طاقم الفيلم علي قرية بيعيش فيها ٥٠٠ فرد. كبير القرية قال لهم أن القرية إتاخد منها حوالي ١٣٠ طفل بين ١٢ و ١٥ سنة من غير علم أهلهم.
و وصل بالفعل طاقم الفيلم ل"زيجوا" علشان يشوفوا عملية النقل و هناك قابلوا السيد "إدريس كانتي" من الإتحاد القومي لسائقي الأوتوبيسات. إدريس قاللهم أنه بنفسه أنقذ خلال سنة ٢٠٠٦ عدد ١٣٢ طفل منهم ٩٧ ولد و ٣٥ بنت. و في سنة ٢٠٠٧ كان العدد ١٤٠ منهم ٩٩ ولد و ٤١ بنت. و في العام ٢٠٠٨ و ٢٠٠٩ الرقم وصل ل١٥٠ و كان سنهم بيبدأ من ٧ سنوات و كانوا من دول "مالي" و "بوركينا فاسو" و "النيجر". أما الأعداد إللي بيتم بالفعل نقلها في المرة بتوصل من ١٠ ل١٥ طفل بالموتوسيكلات لمدينة "كوروجو" بساحل العاج و هناك بيتم بيعهم للمزارعين.
واحد من أصحاب المحلات في "زيجوا" ساعد طاقم الفيلم علشان يقابلوا أحد سائقي الموتوسيكلات إللي رفض أنه يقول لهم أسمه. السائق قال لهم أن ماحدش يقدر يوقف عملية الإتجار لأن العملية مش بتتم عن طريق فرد واحد و أنها عملية من مراحل كثيرة بدايةً من الشخص إللي بياخد الأطفال من القري الفقيرة بعدين يوصله للمدينة علي حدود مالي لسائقي الموتوسيكلات إللي بياخدوا الأطفال و يوصلوهم لداخل ساحل العاج و يسلموهم هناك للشخص الثالث إللي بيبعهم لأصحاب المزارع. السائق قال لهم أن أصحاب المزارع بيدفعولهم علشان يوصلوهم للجانب الآخر من البلاد. حتي الطريق إللي بيسلكوه مش الطريق الرسمي إللي عليه حراسات لكن طريق خلفي بيتم فيه عمليات التجارة الغير مشروعة و بيوصل مباشرةً لساحل العاج.
"ميكي" و طاقم الفيلم أخدوا نفس الطريق إللي بيتم فيه نقل الأطفال و وصلوا بلدة بيتم فيها بيع الأطفال داخل ساحل العاج. البلدة بيسيطر عليها الميليشيات إللي بيتعاونوا مع سائقي الموتوسيكلات و بيحموهم.
في ساحل العاج طاقم الفيلم اتعامل مع راجل آخر من البلد علشان يتعاون معاهم في عملية كشف الحقيقة. كل إللي كان عليه أنه يشيل كاميرا سرية في شنطته و يزور مزارع الكاكاو و يصور الأطفال إللي بيشتغلوا في المزارع دي بعدين يقابل طاقم الفيلم في "أبيدجان". و ركب طاقم الفيلم الطائرة لمدينة "أبيدجان". المدينة فيها مكاتب رئيسية لأكبر مصانع الشيكولاتة: نستلة – كارجيل – إية دي إم – باري كاليبو إلي كان عندهم مئات العاملين هناك في مصانعهم. الشركات دي بتقوم بشراء تقريباً كل إنتاج ساحل العاج من الكاكاو.
و في "أبيدجان" قابل الصحفي الدنماركي، صاحب الفيلم، صحفي آخر بيشتغل علي قضية صناعة الشيكولاتة من عشر سنين و هو مراسل لرويترز أسمه "أنجي أبوا" إللي قاللهم أن القصة بتبدأ من مزارع الكاكاو إللي بيتم فيها جمع ثمار الكاكاو بعدين بيتم تجفيف بذورها في الشمس بعدين بيتم نقلها بالشاحنات بسعر ١ يورو للكيلو لشركات التصدير القومية. البذور بيتم غسلها بعد كدا و تكييسها و بيعها لمخازن التصدير في أوروبا. السعر بيوصل في المرحلة دي ل٢,٥ يورو. و من المخازن في أوروبا بيتم بيعها لشركات الشوكولاتة العالمية. كيلو الكاكاو إللي بيتم شراءه بيورو واحد من المزارع بيعمل ٤٠ بار شوكولاتة في النهاية.
طاقم الفيلم قابل ثالث أكبر مُصدِّر للكاكاو في أبيدجان، أو في العالم، ساف كاكاو – SAF CACAO، إللي بيصَدَّر لأمريكا و أوروبا و بيحقق أرباح سنوية ١٣٥ مليون يورو. رئيس مجلس إدارة الشركة قال لطاقم الفيلم أنه عمره ما سمع عن عملية إستغلال الأطفال في جني ثمار الكاكاو و أنه اتولد هنا و قضي عمره كله هنا و عمره ما سمع عن أطفال أعمارهم ١٠ أو ١٥ أو حتي ١٦ سنة بيشتغلوا في المزارع.
في نفس الوقت كان المساعد إللي كان بيقوم بعملية إستكشاف المزارع بيصوَّر فعلاَ أعداد كبيرة من الأطفال إللي بيقوموا بعملية جني الثمار و تقطيعها في مزارع الكاكاو و كان أغلبهم بيستخدموا الأسلحة الخاصة بالجني.
طاقم الفيلم قابل الإيد اليمين لرئيس ساحل العاج و إللي عرف بالفيلم إللي بيتم تصويره و طلب مقابلتهم. الراجل أقر بأن مفيش أي نوع من أنواع الإتجار بالأطفال و أن مفيش أي عمل للأطفال في المزارع و ان البلد فيها قانون بيمنع النوع دا من الأعمال.
"ميكي" قرر أنه يزور بنفسه المزارع و أختار مجموعة عشوائية من المزارع إللي شركة "ساف كاكاو" بتجيب منها البذور. و في المزارع طاقم الفيلم صور أعداد من الأطفال إللي بيشتغلوا في جني ثمار الكاكاو و كانت أعمارهم من ١٠ ل١٢ سنة. و في مزرعة من المزارع سألوا صاحبها عن إزاي مكن يجيبوا أطفال يشتغلوا عندهم و قال لهم أن الطفل بيبدا سعره من ٢٣٠ يورو.
طاقم الفيلم قابل كمان شرطة الإنتربول إللي قامت قبل كدا بعملية كشف لأطفال تم الإتجار بيهم و كان عددهم ٦٥ طفل و الشرطة أعطت "ميكي" صور من سجلات بالعملية. و رجع "ميكي" لصاحب شركة "ساف كاكاو" و حكي له اللي شافه في المزارع و قال له إللي عرفه من شرطة الإنتربول و كان رد صاحب المصنع أن القضية دي كانت فعلاً مأساة و البلد كلها سمعت عنها و كانت قضية كبيرة في وقتها. صاحب المصنع عجز في اللحظة عن الإنكار.
"ميكي" عرف من منظمة العمل الدولية أن شركات الشيكولاتة طبقاً للإتفاقية إللي تمت بينهم مفروض تصرف ٦ مليون يورو علي عمليات التنمية في الدول إللي بتمدها بالكاكاو. بالمقارنة، شركة نستلة وحدها مكسبها بالعام ٢٠٠٩ كان ١٢ مليار يورو. "ميكي" طلب من شركات نستلة و كارجيل و مارس و إية دي إم و كرافت و باري كاليبو أنه يعمل مقابلة مع أي مسؤول فيها. جميع الشركات اعتذرت و طلعت بيان مشترك من خلال متحدثهم الرسمي بيقول أن المزارع مش ملك لشركات الشيكولاتة أو شركات التوريد و علشان كدا هما ماعندهمش سيطرة مباشرة علي إسلوب العمالة داخل المزارع. و من المعلوم أن نستلة لوحدها تملك ١٢% من حجم سوق الشيكولاتة و أنها متواجدة في ساحل العاج من أكثر من ٥٠ سنة و هو إللي بيأكد أنها لابد يكون عندها علم بأسلوب العمل هناك و عملية الإتجار بالأطفال و إستغلالهم في جني ثمار الكاكاو إللي بتحققلها مليارات من الأرباح نظير مئات الدولارات لأصحاب المزارع غير عدم وفائها بالمبلغ البسيط جداً إللي مفروض تدفعه علشان توقف الممارسات دي.
و لأن الممارسات دي ضد مصالحها. و لأن وقفها هايسبب لها مشاكل مع الموردين و أصحاب المزارع. و لأن الدولة المصدرة فاسدة و المسؤولين بينتفعوا. و لأن المنظمات العالمية مش بتراقب و بتكتب تقارير دولية كاذبة بتقول فيها أن عمليات منع الممارسات دي في تقدم مستمر. و لأن الأطفال دي مش مهمة بالنسبة لحجم المبيعات و المكاسب إللي بتحققه الشركات الكبري. و لأن .... و لأن .... و لأن ... هايفضل الظلم واقع و هايفضل الكذب و الغش واقع و هايفضل الناس برضة تاكل شيكولاتة.
علي فكرة القصة ماخلصتش علي كدا. القصة ليها تكملة.
خليها للمرة الجاية.

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More