آخر التعليقات

الخميس، 30 نوفمبر 2017

الأمريكان بيشربوا من الترعة


سمعت قبل كدا أكيد عن تلوث مياة الشرب. أعتقد دا أقل شيء ممكن تسمع عنه في قري مصر و في البلاد الفقيرة بشكل عام في أفريقيا و أسيا.
لكن عمرك سمعت عن تلوث الماء في أقوي و أغني دولة في العالم ؟
سمعت قبل كدا عن حالات مرضية للأطفال و موت و أمراض مزمنة جرَّاء تلوث ماء الشرب و فساد مالي و إداري بسبب بيع الماء النظيف لشركات التعبئة في أمريكا ؟
طيب تعالي إسمع القصة دي ....
ولاية "ميتشجان - Michigan" فيها مدينة إسمها "فلينت - Flint" يسكنها حوالي ١٠٠ ألف مواطن. مصدر الماء الرئيسي للمدينة هو "بحيرة هورون" و هي رابع أكبر مصدر للماء العذب في العالم.
خلال النصف الثاني من العام ٢٠١٤ بدأت تظهر اعراض مرضية للأطفال الأقل من ٦ سنوات. "لي آن والترز" كانت أول من اكتشفت الموضوع دا لمَّا لاحظت لون الماء البرتقالي إللي بتنزل من حنفية بيتها. لمَّا كشفت "لي" علي طفليها، أكدوا لها الأطباء أن واحد منهم بيعاني من نقص في النمو العقلي. "لي" أرسلت عينة من الكشف علي الماء و رأي الأطباء إلي "الوكالة الأمريكية لحماية البيئة - United States Environmental Protection Agency EPA".
بعد مرور ١١ شهر كاملين بدأت الوكالة في التحرك و أعلنت أن العينة فيها نسبة رصاص تضاعف أقل نسبة ممكن نقول من خلالها أن المياة فيها مخلفات سامة. و لما تم الكشف علي طفليها، اكتشفوا أن نسبة الرصاص السام في جسمهم مرتفعة جداً.
"لي" مش الحالة الوحيدة. جميع الأطفال إللي شربوا من المياة منذ إبريل ٢٠١٤ إتعرضوا لنفس الأعراض. الأكثر من ذلك أن الأطفال الأقل من ٦ سنوات بيعانوا حالياً من مشاكل في نمو العقل و في الجهاز العصبي. لمَّا إتعرض الإعلام للقضية، ذكر أن عدد الأطفال إللي بيعانوا في المدينة من نفس الأعراض هو ٩٠٠٠ طفل. الشيء إللي يدعوا إلي السخرية هو أن عدد الأطفال في السن دا في المدينة هو ٩٠٠٠. يعني الإعلام بدلاً من أن يذكر أن الأطفال كلهم إتعرضوا لدخول رصاص في جسمهم، ذكر العدد و كأن في غيرهم لم يُصاب.
الجرعات الكبيرة من الرصاص بتؤدي إلى التشنجات والغيبوبة والموت. مفيش مستوي للرصاص نقدر نقول عليه آمن بحيث لو اتعرض له الأطفال ممكن لا يتم إصابتهم بأمراض. حتي جميع الخبراء بيقولوا أن الضرر الناتج عنه غير قابل للشفاء.
لو بصينا لتاريخ ابريل ٢٠١٤، هانعرف ان المدينة قامت في الوقت دا بتحويل إمداد "فلينت" بالمياة من "بحيرة هورون" إلى "نهر فلينت" كإجراء قصير الأجل لحين الإنتهاء من تنفيذ مشروع تجديد شبكة الماء. من وقتها بدأ سكان المدينة يشكون من شكل المياة و طعمها و ظهور أعراض علي الجلد ماكانتش موجودة من قبل. لكن بدون أي إهتمام من جانب الجهات المسؤولة.
الدكتورة "مني هنا أتيشا"، دكتور مساعد لطب الأطفال بجامعة "ميتشجان"، كانت أول من يتقدم رسمياً بشكوي للمسؤولين بالولاية إللي رفضوا نتائج أبحاثها و قالوا إنها أضعف من إنها تؤكد سبب إصابة الأطفال بالأمراض دي. لكن مع زيادة الآثار و الضرر، إضطرت السلطات للبحث بشكل أكثر جدية لمنع القضية من التفشي.
في يوليو إللي فات، طلب الكونجرس شهادة "لي آن والترز" بخصوص الواقعة و بخصوص حالة طفليها بكونها أول من أظهرت القضية للعامة. و برغم أن أسرتها كلها انتقلت للعيش في ولاية "فيرجينيا"، إلا ان زوجها تعرض أكثر من مرة للإزعاج و الضغط في عمله لإجبار زوجته علي التراجع عن البلاغات إللي قدمتها لدرجة أن رؤساؤه في العمل أجبروه علي المداومة لساعات إضافية كثيرة و في ظروف غير طبيعية و لفترات طويلة مما أضطره لرفع قضية بسبب إصابته بأعراض جسدية و عصبية و نفسية شديدة جرَّاء الضغط عليه.
علي فكرة دي مش القصة كلها. ماحدش سأل طيب لية المحافظة أو الولاية تعمل كدا في مواطنيها ؟
تعالوا أمَّا أقوللكم .....
عارفين "نستلة" ؟
نستلة عندها مصنع لتعبئة المياة المعدنية في ولاية "ميتشجان" بمدينة "إفارت" علي بُعد ١٢٠ ميل من "فلينت"
الشركة بتسحب ١٠٠ مليون جالون في السنة، أو ٢٥٠ جالون في الدقيقة. الشركة بصدد عمل عقد جديد مع حكومة الولاية لزوم توسعة المصنع و زيادة الإنتاج لسحب ٤٠٠ جالون في الدقيقة أو ٢١٠ مليون جالون في السنة.
حتي شركة "چنرال موتورز - GM" إللي كانت بتاخد مياة من "نهر فلينت" إشتكت لعمدة فلينت أن المياة بتعرَّض أجزاء التصنيع للصدأ و بناءً عليه تم مد خط للمصنع من بحيرة "هورون" و إمداد بيوت السكان بماء نهر "فلينت" إللي مواسيرة المصنوعة من الرصاص بتزعج مدير چنرال موتورز.
الشيء اللذيذ أن الرصاص إللي جاي مع المياة للمنازل عبر المواسير المتهالكة كان ممكن تجنبه عبر حقن المياة بكيماويات تعمل زي "شريط عازل - فيلم" حولين الجدران الداخلية للمواسير و تمنع ترسب الرصاص في المياة و وصولها للمنازل.
في بداية ظهور المشكلة، عرض أحد المتخصصين مسألة الحقن دي بتكلفة ١٠٠ دولار في اليوم. و فضل المسؤولين يأجلوا المناقشة في الموضوع لغاية ما وصلوا للمرحلة دي إللي النهاردة ممكن تكلفهم ١,٥ مليار دولار لحل المشكلة.
المسألة كمان ماطلعتش رصاص بس. مؤخراً تم إكتشاف إصابة ٧٨ مواطناً بداء "الفيالقة" و هو داء تنفسي حادّ يصيب الرئة و يسبب صداع وسعال جاف و يؤدي إلي الوفاة في النهاية و دا حصل بالفعل ل١٠ من سكان المدينة.
من الأضرار كمان إللي أصابت المواطنين بالمدينة أن بيوتهم أصبحت لا تساوي شيء. يعني لو حد فيهم فكر يسيب المدينة و يروح يسكن في منطقة تانية، مين ممكن يشتري بيت في مكان منكوب كدا ؟
حاجة أخيرة .... زوجة مدير العاملين بالمحافظة هي المتحدثة الرسمية باسم شركة "نستلة".
حلو الفساد برضة مفيش كلام.

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More