عارفين الأزمة فين ؟ الأزمة أن كل حركة غبية من دول بتسرع من زيادة حرارة الغليان
أيوا في غليان و أيوا في جيل كامل من شباب و شابات اتربوا على أخلاق ثورة يناير و دي مش شتيمة في كل إللي نزلوا يزيلوا الظلم و الإستعباد و يطالبوا بالعدل و المساواة و العيش. لأني كنت منهم. لكن هي كدا الثورات و إللي مايعرفش يبأى جاهل أو غبي.
الثورات قبل تغيير السياسات بتغير الناس. بتبني أخلاق جديدة لجيل جديد اتربى تربية جديدة و خرج من جلباب أهله. جيل من شباب كان عنده ١٠ سنين في ٢٠١١ و عاش فترة الطحن مع الأخوان و السلفيين و تشويه الإعلام لكل التيارات المعارضة و تشويه صورة أي تيار محافظ. و ماننكرش أن التيارات دي بإيديها شوهت نفسها. يمكن جهل منها و يمكن سوء إدارة و يمكن قراءة غبية للواقع لكن في الآخر كلنا ناسيين ان في جيل كامل من ملايين الولاد و البنات كان عندهم ٩ و ١٠ و ١١ و ١٢ سنة أصبح عندهم النهاردة ١٦ و ١٧ و ١٨ و ١٩ سنة و زودوا ٧ على كل رقم يقابلكم. دا غير شباب الجامعات إللي كان عندهم ١٨ و ١٩ و ٢٠ و النهاردة عندهم ٢٥ و ٢٦ و ٢٧ و انتوا طالعين بأة.
أجيال كاملة من الطاقة البشرية إللي اتربت على الكفر بكل شيء ... الكفر بأي منطق ... الكفر بأي مبدأ ... الكفر بكل قاعدة أرساها أي جيل قبلهم و وضع بنفسه قواعد جديدة للحياة. قواعد جذورها المساواة في الحقوق و الحريات و إللي بيكسر بيها ال٣ تابوهات.
ال٣ تابوهات إللي اتكسر منها بالفعل ٢. تابوة "الدين" اتكسر و المسائل إللي كان مجرد الإقتراب منها غير مسموح أصبحت النهاردة مسائل نسبية و قابلة للنقد. و تابوة "الجنس" اتهشم و اتدشدش ٦٠٠ حتة و المحاذير إللي كانت مجرد الكلام فيها قبل كدا أصبحت مواضيع للحوار بين الجنسين النهاردة عادي سواء بهزار أو بجد و أصبحت الممارسة عادية جداً موجودة بمستوياتها و داخل أسر و مناطق كان مستحيل قبل كدا يكون مجرد الكلام فيها متاح.
من الأسس الإجتماعية أن الجيل إللي بيتربى على حاجة بيطلع شايفها عادية جداً سواء مصدر تربيته كان البيت أو المدرسة أو الجامعة أو الشارع أو التليفزيون أو ... الفيسبوك. و الحاجة إللي أصبحت عادية مش أساسي يكون هو بيعملها. إحنا جيل ماكوناش بنستغرب من قاعدة القهاوي و الشيشة برغم أنها عند إللي قبلينا كانت سلوكيات أصحاب المعاشات و العاطلين و الصنايعية. دا بجد على فكرة. أما الجيل الحالي فمثلاً ممكن يكون رافض أغلبه أنه يكون شاذ جنسياً لكن بيرفض أن يتم قمع أو محاصرة إللي اختاروا الشذوذ و بيدافعوا عن حقوقهم و حرياتهم. ممكن جداً تلاقي بنات كثير منه رافضين العلاقات الجنسية لكنهم يرفضوا وصف أي واحدة بالسوء لو مارست "حقها" في ممارسة الجنس خارج المنظومة الشرعية و القانونية. إحنا كجيل اتربينا على قيم و سلوكيات كانت عند إللي قبلنا مختلفة و غريبة و اتغيرت على إيدينا بشكل تدريجي، لكن المرة دي التغيير جه فجائي و مرة واحدة و بضربة "مرزبة" زي ما بيقولوا.
الثورة، بطبيعتها، كسرت الحيطان و حرقت كثير من المباديء و القيم إللي أصبحت النهاردة عند الجيل دا مجرد أصنام و بيكسروها ظناً منهم إنها السبب في التخلف و الإنحطاط الحضاري. و ماننساش أن في منهم إللي مؤمن بكدا فعلاً و متصدر الصورة و بيحفز على كدا.
الثورة على الظلم و الجشع و الخيانة و الفساد أكيد شيء محمود و مطلوب. لكن المصيبة لما يكون إللي رافعين الأعلام دي هما نفسهم أصحاب الأفكار المنحرفة و على الجانب الآخر تبص على المحافظين المتصدرين المشهد تلاقيهم هما إللي بيقدموا موائمات و بيعملوا إتفاقيات و بيتنازلوا عن حقوق الناس علشان يحققوا مكاسب لهم ظناً منهم أنهم هايحصلوا على مساحات يقدروا من خلالها أنهم يعدلوا المايلة. في الحالة دي مايزعلوش و هما شايفين الشباب بيروح شمال. أصل إللي رفع أعلام عدم التصالح مع الظلم و عدم تقبل حلول الوسط و عدم الموافقة على رشاوى الكراسي هما إللي بيدعموا الشواذ و الملحدين و الأدب البذيء و الفن السفيه و هما إللي شايفين أن الشتيمة حرية و الأخلاق نسبية.
أصلها "باكيدچ" و الشباب هاياخدها كدا.
هايحب "أنديل" المعارض و ينسى أنه ملحد و يؤازر "خالد علي" بطل قضية تيران و صنافير و ينسى أنه أول واحد يهنيء "أحمد ناجي" مؤلف الرواية الأبيحة بالخروج من محبسه.
بتتاخد باكيدچ و الله.
و الخطوة الأخيرة هاتكون في إسقاط التابوة الثالث ... السياسة.
أيوا السياسة. و إللي فاكر أنها مش جاية يبأى مش فاهم التغيير بيتم إزاي. لا يمكن يقبل الجيل إللي بيتربى النهاردة على الأفكار و القيم و السلوكيات دي إنه يتم إخفاء معلومات من باب أنها أمن قومي أو قرارات سيادية. و على فكرة يمكن دي هي الميزة الوحيدة من الثورات. إنها بتعدل في النهاية المسار السياسي من مسار بيقودة طغمة من البشر مؤمنة بأنها فقط إللي وطنية و أنهم هم فقط حماة الوطن و الأرض و العرض إلى أنهم يكونوا قابلين للنقد و المحاسبة و أنهم يحكموا بشفافية و بدون إخفاء لأي معلومات. مش هي دي الديمقراطية و الحكم الرشيد إللي بتحكم بيه الدول المتحضرة المتطورة ؟ و مين مايرضاش بكدا ؟ و مين يحب العمل في الخفاء و تأليه الرؤساء و منهج "الرئيس الأب" و الكلام إللى عفا عنه الزمن دا ؟ خلاص ماباقاش ياكل و الله. و كل دا مسألة وقت و لو لسة فاضل بقايا أجيال راضية باللي موجود فالإنشغال بالواقع البسيط النهاردة إللي تحت الرجلين دون التفكير في المستقبل القريب "جداً" هو خيانة.
خيانة لكل الأجيال الجاية إللي مفروض أنها أمانة في إيد المسؤولين النهاردة. لما يكون التعامل مع المعارض بالمنع و القمع بدون شفافية من باب أنها فاسدة و غير وطنية و أن دا حماية للوطن بدون الإدلاء بأي معلومات فدا أسلوب رخيص جداً. و لما تكون المطالبة بالثقة العمياء هو مبدأ وطني فأحب أبلغكم أنكم مش أهلنا ولا قرايبنا ولا بيننا و بينكم أي صلة قرابة علشان نثق فيكم ثقة عمياء و يثق فيكم الجيل دا بالشكل دا. إنسوا التعامل بمبدأ الأب و الأخ و الحارس الأمين على المصالح. الكلام دا كان زمان و ماباقاش ياكل مع الجيل الحالي و القادم و هايتكسر ستميت حتة و منطق أن إللي بيحكم دايماً فاكر أن كل إللي بيعارضوه مش وطنيين و عايزين يدمروا البلد و يكسروا إنجازاته هو منطق مش هايستمر كثير. منطق مرت بيه أكبر دولة في العالم و تجاوزته بأجيال مختلفة و يا ريت تراجعوا فترة الستينات و السبعينات في أمريكا و تشوفوا الصراع بين الأجيال إللي كانت بتصارع من أجل الحريات و ضد السياسات إللي كانت بتمارسها إدارة "كينيدي" و "جونسون" و "نيكسون" تجاه الحرب في فيتنام بشكل خاص و إللي اختلط معاها المطالبات الحقوقية بحقوق السود و حق الشواذ و الملحدين. دراسة الفترة دي مهمة جداً لأننا بنمر بالضبط بنفس النسق هنا في مصر مع إختلاف الشكل من أكثر.
المشكلة أن التغيير إللي جاي في السياسة و إسقاط التابوة الثالث مش هايخرج عن نسق إسقاط التابوهين إللي قبله. إسقاط مباديء الحكم الحالي هايختلط مع مبدأ منع أي مزج بين الدين و بين سياسات الدولة و القوانين إللي بيحكم بيها النظام و كذلك هاتختلط الحريات الدينية و الجنسية مع التغيرات إللي هاتحصل و الحقوق إللي هايتم فرضها.
عارف أن ممكن كثير مايصدقونيش. بس من ٤ سنين كان فيه برضة كثير مش بيصدقوا لما قلتلهم أن في ثورة جنسية و سلوكية جاية في الطريق و بمنتهى القوة.
النظام إللي بيحكم بالقمع و المنع النهاردة في ظل الواقع الفكري و الثقافي و الإجتماعي دا و بيهمل جميع التغيرات السلوكية و الثقافية و الفكرية للشباب و مش بيشتغل عليها، هايسقط إن عاجلاً أو آجلاً. بثورة بأة وللا بإنتخابات ديمقراطية وللا بأي إسلوب ... المهم أنه مش هايستمر. خلاص ماباقاش مقبول ولا مسموح أن دا يفضل و يستمر.
سنة وللا أثنين وللا خمسة وللا عشرة .... كلها أرقام. و في النهاية المشهد هايتغير و هايكون السبب هو العناد و الإصرار على أنكم شايفين المشهد من خلال نظارة سوداء مش بتفلتر إلا إللي انتوا عايزين تفلتروه و بكرا هاتعتم تماماً و تعميكم عن الواقع و الحقيقة.
التغيير جاي ... يا تتحمل مسؤوليته من النهاردة يا هايكتب التاريخ واقع أسود كنت أنت السبب فيه.
0 التعليقات:
إرسال تعليق