آخر التعليقات

الثلاثاء، 8 ديسمبر 2015

الآله بديل الإنسان


تناولت السينما الأمريكية مسألة الشبيه الآلي للإنسان تناولات عدة. فتارةً يتم تناول القضية بكون ذلك الآلي رجل ينتمي إلي عالم الآلات و يسعي لتدمير البشر أو تسخيرهم لخدمة عالمه (Terminator 1987). و تارةً أخري كجندي يحارب في صفوف الجيش الأمريكي ليقضي علي أعداء الوطن (Cyborg 1989). ثم تراه في دور ذلك الشرطي الذي أضطر أن يستبدل جسده بجسد آلي بعدما تعرض إلي حادث أثناء تأدية وظيفته (Robocop 1987).
و برغم تلك الأدوار التي ظهر بها الآلي في صورته العنيفة، إلَّا أن السينما الأمريكية لم تغفل عن محاولة تقديمه في الصورة الحسنة.
فقدمته مرة بكونه آلي يعمل خادماً و يشعر بالإنجذاب نحو سيدته في الفيلم Bicentinal Man بالعام 1999. ثم قدمته في صورة طفل صغير تبناه رجل و امرأته بعدما تعرض أبنهما إلي حادث أليم فقد علي أثره حياته. و قدَّم لنا الفيلم معاناة ذلك الطفل الآلي جراء المضايقات التي تعرض إليها بالشارع عندما طرداه الوالدان خارج المنزل بعدما رُزِقا بطفل طبيعي في الفيلم الذي تم إنتاجه بالعام ٢٠٠١ و حمل أسم (AI - Artificial Intelligence).
ثم عاد دور الروبوت أو الآلي العنيف إلي السينما في فيلم I,Robot بالعام ٢٠٠٤ و لكن تلك المرة في دور الروبوت الذي استطاع مخترعه أن يجمع بين القوة و الإحساس ليقنع المشاهدين بأنه ليس كل الروبوتات جامدةً كما يظنون و أنها قادرة علي أن تحمل في طياتها أجهزة تُمكِّنها من القدرة علي التعامل مع البشر و التآلف معهم و الإحساس بما يشعرون بل و يقدم الفيلم الفكرة القائلة بالقدرة علي إستبدال الصديق البشري بالإنسي في بعض الأحيان ..... أو حتي معظمها.
-----------------------------------------------------------------------
"هيروشي إيشيجورو" هو مدير مختبر الروبوتات الذكية التي تُعد جزء من قسم نُظُم الابتكار في كلية الدراسات العليا للعلوم الهندسية في جامعة أوساكا باليابان.
صنع إيشيجورو روبوتاً في العام ٢٠٠٨ يطابقه في الشبه و سماه "جيمينويد" Geminoid. الروبوت تم صنعه بحيث يؤدي نفس الوظائف التي يقوم بها الإنسان و تم تطويره بصورة فائقة ليكون شبيهاً بشكل مذهل للإنسان في حركاته و تصرفاته و ردود أفعاله و شكله الخارجي الذي تم صناعته من سيليكون خاص ليشبه جلد الإنسان الطبيعي.

-----------------------------------------------------------------------
"رنا القليوبي" مصرية حاصلة على البكالوريوس والماجستير بعامي ١٩٩٨ و ٢٠٠٠ على التوالي في علوم الكمبيوتر من الجامعة الأمريكية بالقاهرة وعلى الدكتوراه من جامعة كامبريدج.
"رنا" هي المؤسس المشارك والرئيس التنفيذي لقسم الأبحاث العلمية بشركة "Affectiva" أو "أفيكتيفا"، وهي شركة تعمل في مجال تحليل الشعور والانفعالات الإنسانية، والتي نشأت داخل مختبر معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا.
في مايو من هذا العام، قامت رنا بتطوير برنامج يُمكِّن أجهزة الكمبيوتر من التعرف على ماهية الشعور الإنساني لدي الفرد بناء على تعبيرات وجهه وردود أفعاله.
تم اختيار "رنا" ضمن أقوي سبعة نساء بالعام ٢٠١٤ من قبل مجلة Entrepreneur، كما أدرجت في قاعة الشهرة للنساء المتخصصيات بمجال الهندسة. و تم اختيار القليوبي بقائمة MITTechnology للعام ٢٠١٢ ضمن أفضل ٣٥ مبتكر تحت سن ٣٥ واختيرت ايضا في قائمة Advertising Age لأفضل ٤٠ مبتكر تحت سن ٤٠.
-----------------------------------------------------------------------
ما قامت به "رنا" هو ما كان يحتاجه بالضبط "هيروشي" ليستكمل مشروعه لإختراع شبيه الإنسان الذي ظل يعمل عليه خلال العشر سنوات الماضية.
تُري، ما الحاجة إلي أن يخترع الإنسان آلة تشبهه ؟ ما الذي سيخدم البشرية إن قام الإنسان بإستبدال إنسي بآلة ليتعامل معها بديلاً عن الإنسان و له نفس الصفات الخارجية ؟ و ما الذي يخدم البشرية بإختراع يجعل الآلة قادرة علي تحديد المشاعر و الأحاسيس الآدمية ؟
رنا تقول أن الفكرة آتتها عندما انتقلت للعيش من القاهرة إلي بريطانيا و أنها كانت تشعر في ذلك الوقت بالوحدة لدرجة أنها كانت تبكي بالساعات. رنا تقول أنها فكرت في هذه الفكرة لأنها كانت تجلس أمام شاشة الكومبيوتر أو التاب بالساعات، فسألت نفسها ماذا إن كان ذلك الجهاز قادر علي مبادلتها الحوار من خلال معرفته بالحالة النفسية التي تمر بها.
نحن كبشر ننتقل إلي حالة جديدة من حالات أنسنة الآلة. الحالة التي ستزيد من الإنفصال الحادث بالفعل بين البشر و الطبيعة التي خلقنا الله عليها.
تخيَّل أنك قادر علي صنع رفيق لا يعارضك. رفيق يبادلك ما تختاره أنت من الشعور و الإحساس. رفيق لا يذكرك بأن هناك حياة مختلفة عن تلك التي قمت أنت بإختيارها عندما "صنعته" أو "برمجته".
ما أراه هو أننا قاب قوسين أو أدني من تدمير الحياة الطبيعية لأنفسنا و لأبناءنا من بعدنا.
سحقاً لذلك العلم الذي يدمر البشرية و يحطم مكوناته الطبيعية.

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More