القصة من ٢٢ سنة :
الكونجرس الأمريكي هو المجلس التشريعي للدولة الأمريكية و هو عبارة عن غرفتان؛ أحدهما المجلس الأدنى و يحمل أسم "مجلس النواب - House Of Representatives" و به ٤٣٥ عضو، و الآخر هو المجلس الأعلى الذي يحمل أسم "مجلس الشيوخ - Senate" الذي به ١٠٠ عضو.
يمر الكونجرس بعملية إنتخاب أعضاءه كل عامين.
منذ العام ١٩٥٢ لم يحصل الحزب الجمهوري على أغلبية بالكونجرس بغرفتيه الأعلى و الأدنى ... حتى العام ١٩٩٤.
في إنتخابات مجلس النواب للعام ١٩٩٤ حصل الحزب الجمهوري على أغلبية جعلته يحصل مع أغلبيته بمجلس الشيوخ على الأغلبية البرلمانية المطلقة و ذلك بعد ٦٢ سنة فيما عُرف وقتها ب"ثورة الجمهوريين - Republican Revolution". بدأت الدورة البرلمانية في يناير ١٩٩٥ و انتهت في يناير ١٩٩٧ و تلك كانت السنتان الأخيرتان بالفترة الأولى من حكم "بيل كلينتون".
إحدى أهم التشريعات أو القوانين التي مررها الجمهوريون خلال هذان العامان كان "قانون سفارة القدس - Jerusalem Embassy Act".
أكد القانون على أحقية جميع الدول في تعيين مدينة ما داخل حدودها و جعلها العاصمة الرسمية لها. و ذكر القانون أن "دولة إسرائيل قد قامت بإختيار القدس عاصمة لها". و في الجزء رقم ١٣٢٢ من القانون تم ذكر أنه " يجب الإعتراف بالقدس بكونها عاصمة لإسرائيل و يجب إنشاء سفارة أمريكية بها قبل تاريخ ٣١ مايو من العام ١٩٩٩".
و منذ تمرير القانون حتى يومنا هذا لم يتم تنفيذه بسبب إعتراض الرؤساء الذين تولوا السلطة التنفيذية بدءاً بكلينتون ثم بوش ثم أوباما و أخيراً ترامب الذي كتب مذكرة في شهر يوليو الماضي أعلن فيها تأجيل البت في مسألة إعلان نقل السفارة الأمريكية إلى القدس لمدة ٦ شهور و لنفس الأسباب التي أعلن عنها سابقيه .... الخطر على الأمن القومي.
.
.
.
.
.
إذاً فإن مشروع نقل السفارة الأمريكية إلى القدس و إعلانها عاصمة لإسرائيل هو مشروع يعود تاريخه إلى ٢٢ عاماً مضت على يد الجمهوريين المحافظين الأمناء على تحقيق الأهداف الصهيونية النابعة عن عقيدة لديهم.
و برغم أن المشروع قديماً فلم تكن الأمة الإسلامية و العربية بمثل تلك الحالة من الإنكسار النفسي و الثقافي كما هي اليوم. و لم تكن جاهزة حقاً لتنفيذه كما هي الأن.
انتوا فاكرين هايحصل حاجة لو أعلن ترامب اليوم أن القدس هي عاصمة إسرائيل و أمر ببدء تنفيذ إجراءات نقل السفارة إلى القدس ؟
ولا حاجة
يمكن شوية تظاهرات و شوية أعلام هاتتحرق امريكية و اسرائيلية و يمكن يحصل كام هجوم على بعض المصالح الخاصة بالدولتين في بعض العواصم العربية، دا برغم أني أشك. لكن بفرض أن دا حصل، هو في وقت أفضل من إللي إحنا فيه دا لتنفيذ المشروع ؟
هو في وقت أفضل من الوقت دا إللي فيه جيل شاب مؤمن بأن معايير الحكم على القضية الفلسطينية تبدأ من أحقية اليهود في الأرض ؟
هو في وقت أفضل من الوقت دا إللي فيه جيل شايف أن الفلسطينيين إرهابيين علشان بيستخدموا وسائل غير سلمية للمطالبة بأرضهم ؟
هو في وقت أفضل من الوقت دا إللي فيه جيل بيقول على إسرائيل دولة تستحق الوجود لأنها تمتلك المعايير العلمية الناجحة و لأنها أكثر فائدةً لنا من أي دولة عربية أو إسلامية ؟
هو في وقت أفضل من الوقت دا إللي فيه جيل شايف أن الأوروبيين إللي طردوا المسلمين من الأندلس هم وطنيين رجعوا أرضهم من محتل ؟
هو في وقت أفضل من الوقت دا إللي فيه جيل بيوازن الأحداث بميزان المساواة بين الطرفين بغض النظر عن كون مين فيهم على حق و مين على باطل ؟
هو في وقت أفضل من الوقت دا إللي فيه جيل عارف نجوم الأغاني أكثر من أبطال التاريخ ؟
هو في وقت أفضل من الوقت دا إللي فيه جيل متابع لدوري أبطال أوروبا و جدول مبارياته أكثر من الأحداث العظمى المؤثرة في الأمة إللي مفروض أنه منتمي إليها ؟
ماتستغربوش أوي لو تم إعلان القدس عاصمة لإسرائيل و كان كل رد الفعل هو مجرد شجب سياسي و تغيير الناس لصورهم على الفيسبوك.
بكرا نلاقي أجيال مؤمنة أن عمرو بن العاص كان قائد الجيش العربي إللي أحتل مصر مش الصحابي إللي تولى قيادة جيش المسلمين لفتح بلادنا.
ماتعيطوش على قضية ماتت على إيدينا و شوفوا ولادكم و أخواتكم يعرفوا عنها إية و عن تاريخها و عن أحقيتنا كمسلمين فيها.
الأرض هاترجع يوم ما ولادنا يتعلموا أنها قضية دين مش وطن.
الأرض هاترجع يوم ما ولادنا يتعلموا أن الفلسطينيين أخواتنا في الدين مش في العروبة.
الأرض هاترجع يوم ما ولادنا يتعلموا أن اليهود أعداءنا و لا يمكن يكون بيننا و بينهم ألفة أو مودة.
الأرض هاترجع يوم ما ولادنا يتعلموا إللي إحنا ماتعلمناهوش و وقتها هايرجَّعوا إللي ضاع على إيدينا.
القضية قبل ما تكون أرض و مسجد، هي قضية دين و عقيدة.
لو عرفنا إية هي القضية بجد، يمكن في يوم نشوف جيل بيرجَّع الأرض .... أرض المؤمنين.
0 التعليقات:
إرسال تعليق