لقد ميَّز الفقهاء المسلمون القدامي بين "علم ينفع الناس" و علم لا ينفعهم، و لا بد من أن نفعل مثلهم الأن فنميز بين معلومات تنفع الناس و معلومات لا تنفعهم، إذ ان جزءاً كبيراً من المعلومات التي نتلقاها اليوم، بإرادتنا أو رغماً عنا، هي في رأيي من قبيل المعلومات التي لا تنفع الناس، أي من قبيل الثرثرة، التي يمكن تعريفها بأنها "الكلام الكثير الذي لا يفيد".
إني أزعم أن الإنسان لا يحتاج في حياته إلي تلقي هذا الكم من الأخبار التي تأتيه عن طريق الصحف اليومية، و من خلال التليفزيون عبر عدة نشرات للأخبار في اليوم الواحد. و لا يحتاج إلي هذا العدد من التعليقات التي يبعث بها المراسلون المنبثون في كل مكان، و لا إلي الاستماع إلي كل هذة المناقشات و الحوارات التي يمتليء بها التليفزيون و الصحف بزعم إتاحة الفرصة لإبداء الآراء، أو بزعم أن القاريء أو المستمع سيزداد وعياً بما يجري في العالم، عن طريق تلقي كل هذة المعلومات و الإستماع إلي كل هذة المناقشات.
ذلك أن كثرة المعلومات لا تعني بالضرورة زيادة المعرفة بل كثيراً ما يكون العكس هو الصحيح، و ذلك عندما تضيع فائدة المعلومة الجديدة وسط كم هائل من المعلومات، و عندما تطيح المعلومات غير المهمة بالمعلومات المهمة، و عندما تضيع كثرة المعلومات فرصة التفكير و التحليل، و إذا بكثرة المعلومات تضعف ملكة التفكير لدي القاريء أو المستمع، كما تضعف لديه القدرة علي فرز الأخبار الصادقة من بين الأخبار الكاذبة، و تمييز التحليل المجرد عن الغرض من التحليل الذي يستهدف التضليل
0 التعليقات:
إرسال تعليق