آخر التعليقات

الخميس، 16 أغسطس 2018

الطبيعة البشرية في خدمة السوق



السنة اللي فاتت، ٢٠١٧، أصدرت "آي بي إم" تقرير عن حجم المعلومات اللي بيتم انتاجها في واقعنا المعاصر بشكل يومي. العالم النهاردة بينتج يومياً ٢,٥ "كوينتيلليون" بايت من المعلومات. و الكوينتيليوم يعني ١٠ و بعدها ١٨ صفر.
انتوا متخيلين ؟
و لما بنتكلم عن "المعلومات" اللي بينتجها العالم النهاردة بنقصد أي نوع من المعلومات. البوست دا مثلاً معلومة من المعلومات. اي حرف و كلمة و صورة و فيديو و خبر و اي قطعة معلوماتية بيتم انتاجها بغض النظر عن حاجة البشرية لها او تفاهتها او أهميتها بتمثل قيمة تسويقية لسوق المعلومات اللي خبراء التسويق و الإستثمار بيسموه "البترول الجديد" و اللي بيدير مكاسب تكاد تكون اكثر من اي سلعة كنت ممكن تسمع عنها في حياتك.
و لأن المعلومة، اياً كانت قيمتها، بتمثل قيمة كبيرة للشركات العاملة في سوق #تقنية_المعلومات (زي انتاجها و حفظها و تسجيلها و نشرها و ... الخ)، فأي تقنية تخدم السوق دا إللي بيمثل للشركات مليارات الدولارات تعتبر تقنية في غاية الأهمية.
ال #بي_بي_سي مؤخراً بتعمل اختبارات على تقنية جديدة لزيادة سرعة القراءة عند الناس من خلال عرض كلمة واحدة على الشاشة و بيتم طلب تركيز القاريء على حرف بمنتصف الكلمة بلون مختلف عن بقية الحروف بعدين عرض الكلمات بسرعة تضاعف السرعة الطبيعية للقاريء العادي.
http://www.bbc.com/future/story/20180810-can-you-read-at-superhuman-speeds
الفيديو بيعرض التقنية اللي بتختبرها حالياً البي بي سي من أجل اختبار جدوتها و القدرة فيما بعد على ترويجها.



طيب يا ترى إية الداعي اننا نلعب في طبيعة البشر و نلعب في سرعة القدرة الطبيعية للعين البشرية على القراءة ؟ علشان تتناسب سرعة تلقي الإنسان للمعلومات (مهما كانت تفاهتها) مع الزيادة المطردة في حجم المعلومات اللي بتنتجها البشرية و بتعرضها الشركات الرأسمالية اللي بتشتغل في السوق دي.
هل هاينتهي الأمر هنا ؟ بالطبع لا. و بالطبع الطبيعة البشرية مش هاتتحمل حجم المعلومات دي (مش المعارف) و العقل البشري مش هايقدر يسجل و يحفظ الكم الرهيب من الداتا دي و اللي هايخلي شركات أخرى تبدأ تنتج أجهزة صغيرة شبيهة بالفلاش ميموري يتم زرعها داخل جمجمة الإنسان و توصيلها بالعقل البشري لإستعادة الداتا المحفوظة فيها.
باتكلم في الخيال ؟ ... 😊
ماباقاش في خيال خلاص. عالمنا الرأسمالي الإستهلاكي الجميل وفرلنا كل حاجة جميلة و حلوة هايتقبلها البشري المعاصر بطيب خاطر و هو فرحان و سعيد و هايرافقها مئات الأبحاث العلمية الطبية الجميلة اللي هاتكلم الناس عبر مؤسسات علمية لا غبار عليها لتؤكد للبشرية ان الإختراعات و الإبتكارات دي غير مؤثرة على حياة البشر و طبيعتهم و صحتهم النفسية و العصبية و دا طبعاً بغض النظر عن كون المؤسسات العلمية دي و افرادها بيتم تمويلهم من خلال المؤسسات الرأسمالية الكيوت الحلوة دي.
بعدين إحنا هانفهم اكثر من البي بي سي برضة ؟
.
.
.
في هذا السياق أتذكر إقتباس جميل لأستاذنا "#جلال_أمين" و هو بيتكلم عن #المعلومات و #المعرفة فبيقول :
نحن نعيش في عالم كثيراً ما يسمي (بعصر المعلومات) أو بالعصر الذي يشهد (ثورة المعلومات). و لكن الأقرب إلي الحقيقة أنه عصر #الثرثرة.
فكثرة المعلومات لا تعني بالضرورة زيادة المعرفة بل كثيراً ما يكون العكس هو الصحيح، و ذلك عندما تضيع فائدة المعلومة الجديدة وسط كم هائل من المعلومات، و عندما تطيح المعلومات غير المهمة بالمعلومات المهمة، و عندما تُضيع كثرة المعلومات فرصة التفكير أو التحليل.
إن أكذوبة كبيرة تسيطر علي القائمين بوسائل الإعلام، مؤداها (حق الناس في أن تعلم)، و هي عبارة يفسرها الإعلاميون بمعني واسع يشمل كل شيء. و لكن ليس صحيحاً أن كل #الحقائق تستحق أن تعرف، بل إن كثرة ما يقال من حقائق قد يحرم الذهن من أي فرصة (لمعرفة #الحقيقة).

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More