السنة اللي فاتت، ٢٠١٧، أصدرت "آي بي إم" تقرير عن حجم المعلومات اللي بيتم انتاجها في واقعنا المعاصر بشكل يومي. العالم النهاردة بينتج يومياً ٢,٥ "كوينتيلليون" بايت من المعلومات. و الكوينتيليوم يعني ١٠ و بعدها ١٨ صفر.
انتوا متخيلين ؟
و لما بنتكلم عن "المعلومات" اللي بينتجها العالم النهاردة بنقصد أي نوع من المعلومات. البوست دا مثلاً معلومة من المعلومات. اي حرف و كلمة و صورة و فيديو و خبر و اي قطعة معلوماتية بيتم انتاجها بغض النظر عن حاجة البشرية لها او تفاهتها او أهميتها بتمثل قيمة تسويقية لسوق المعلومات اللي خبراء التسويق و الإستثمار بيسموه "البترول الجديد" و اللي بيدير مكاسب تكاد تكون اكثر من اي سلعة كنت ممكن تسمع عنها في حياتك.
و لأن المعلومة، اياً كانت قيمتها، بتمثل قيمة كبيرة للشركات العاملة في سوق #تقنية_المعلومات (زي انتاجها و حفظها و تسجيلها و نشرها و ... الخ)، فأي تقنية تخدم السوق دا إللي بيمثل للشركات مليارات الدولارات تعتبر تقنية في غاية الأهمية.
ال #بي_بي_سي مؤخراً بتعمل اختبارات على تقنية جديدة لزيادة سرعة القراءة عند الناس من خلال عرض كلمة واحدة على الشاشة و بيتم طلب تركيز القاريء على حرف بمنتصف الكلمة بلون مختلف عن بقية الحروف بعدين عرض الكلمات بسرعة تضاعف السرعة الطبيعية للقاريء العادي.
http://www.bbc.com/future/story/20180810-can-you-read-at-superhuman-speeds
الفيديو بيعرض التقنية اللي بتختبرها حالياً البي بي سي من أجل اختبار جدوتها و القدرة فيما بعد على ترويجها.
طيب يا ترى إية الداعي اننا نلعب في طبيعة البشر و نلعب في سرعة القدرة الطبيعية للعين البشرية على القراءة ؟ علشان تتناسب سرعة تلقي الإنسان للمعلومات (مهما كانت تفاهتها) مع الزيادة المطردة في حجم المعلومات اللي بتنتجها البشرية و بتعرضها الشركات الرأسمالية اللي بتشتغل في السوق دي.
هل هاينتهي الأمر هنا ؟ بالطبع لا. و بالطبع الطبيعة البشرية مش هاتتحمل حجم المعلومات دي (مش المعارف) و العقل البشري مش هايقدر يسجل و يحفظ الكم الرهيب من الداتا دي و اللي هايخلي شركات أخرى تبدأ تنتج أجهزة صغيرة شبيهة بالفلاش ميموري يتم زرعها داخل جمجمة الإنسان و توصيلها بالعقل البشري لإستعادة الداتا المحفوظة فيها.
باتكلم في الخيال ؟ ... 😊
ماباقاش في خيال خلاص. عالمنا الرأسمالي الإستهلاكي الجميل وفرلنا كل حاجة جميلة و حلوة هايتقبلها البشري المعاصر بطيب خاطر و هو فرحان و سعيد و هايرافقها مئات الأبحاث العلمية الطبية الجميلة اللي هاتكلم الناس عبر مؤسسات علمية لا غبار عليها لتؤكد للبشرية ان الإختراعات و الإبتكارات دي غير مؤثرة على حياة البشر و طبيعتهم و صحتهم النفسية و العصبية و دا طبعاً بغض النظر عن كون المؤسسات العلمية دي و افرادها بيتم تمويلهم من خلال المؤسسات الرأسمالية الكيوت الحلوة دي.
بعدين إحنا هانفهم اكثر من البي بي سي برضة ؟
.
.
.
.
.
نحن نعيش في عالم كثيراً ما يسمي (بعصر المعلومات) أو بالعصر الذي يشهد (ثورة المعلومات). و لكن الأقرب إلي الحقيقة أنه عصر #الثرثرة.
فكثرة المعلومات لا تعني بالضرورة زيادة المعرفة بل كثيراً ما يكون العكس هو الصحيح، و ذلك عندما تضيع فائدة المعلومة الجديدة وسط كم هائل من المعلومات، و عندما تطيح المعلومات غير المهمة بالمعلومات المهمة، و عندما تُضيع كثرة المعلومات فرصة التفكير أو التحليل.
0 التعليقات:
إرسال تعليق