"جونكانچيما" أو "الجزيرة المدرعة - Battleship Island" هي واحدة من بين ال٢٣ موقعاً التي تسعى اليابان لتسجيلها باليونيسكو بكونها مواقع أثرية لتشير من خلالها إلى فترة التحديث الصناعي التي مرت بها بالبلاد خلال النصف الآخر من القرن التاسع عشر و الأول من القرن العشرين. كانت الجزيرة تمثل في تلك الفترة أهمية عظمى لليابان بكونها إحدى المصادر الأساسية للفحم الذي كان يتم إستخراجه من باطن أرضها.
لكن تلك الجزيرة المدرعة تحمل في طياتها تاريخاً أسوداً للكوريين غير ذلك التاريخ الذي يريد اليابانيون أن يذكروه بسجلات اليونيسكو. ففي العام ٢٠١٥ أعلنت اليونيسكو ضم الجزيرة لسجلات المواقع الأثرية بكونها تعبر عن الفترة الصناعية المزدهرة من الإمبراطورية اليابانية و التي أدت في نهايتها إلى تحالفها مع المانيا و إيطاليا خلال الحرب العالمية الثانية. تلك الفترة التي ذكرتها اليابان و أكدتها اليونيسكو كانت منذ العام ١٨٥٠ حتى العام ١٩١٠. إلا أن ذلك الإعتراف قد أثار غضب الكوريون الذين اعترضوا بشدة على موقف اليونيسكو لكون تلك الجزيرة خاصةً كانت قد شهدت عمليات إستعباد للمواطنين الكوريين الذين كان يتم ترحيلهم إليها، رجالاً و نساءً و أطفالاً، من أجل العمل للتنقيب عن الفحم و الذين مات منهم الكثيرون بسبب ظروف الحياة السيئة و سوء معاملة الجنود اليابانيون لهم، حسب إدعاء الكوريون.
جونكانچيما، أو الجزيرة المدرعة، هي واحدة من بين ٦ مواقع يابانية إعترفت اليونيسكو بهم مؤخراً كمواقع أثرية و التي يذكر الكوريون أن جميعها قد عمل بها أكثر من ٦٠ الف مواطن كوري خلال فترة إحتلال الإمبراطورية اليابانية لشبه الجزيرة الكورية.
الشركة اليابانية التي كانت تدير عمليات التنقيب عن الفحم في ذلك الوقت و التي كان يقوم الجيش الياباني بحماية مواقعها كانت إحدى ممتلكات عائلة السيد "تارو آسو" وزير الإقتصاد الياباني الحالي و الذي تولى منصب رئيس الوزراء بالبلاد منذ العام ٢٠٠٨ حتى ٢٠٠٩. في العام ٢٠٠٨ كان لتارو تصريح يرد فيه على طلب الحكومة الكورية منه الإعتذار جراء ما تسببت فيه أسرته من معاناة للمواطنين الكوريين قال فيه أنه كان عمره في نهاية الحرب خمسة سنوات و أنه لا علم لديه بتلك الإدعاءات و مدى صحتها.
و برغم إنكار اليابان لإدعاءات الكوريين و تهرب رئيس وزراءها السابق من الإجابة على التساؤلات التي واجهته في هذا الشأن إلا أن الأوراق التي كانت تحت سلطة الإحتلال الأمريكي لليابان فيما بعد الحرب أثبتت أن شركة "آسو للتنقيب" كان يعمل بحقولها ١٠٠ من البريطانيين و ١٩٧ من الأستراليين و اثنان من الهولانديين منذ شهر مايو ١٩٤٥ حتى نهاية الحرب. إلا أنها لم تعترف بتشغيلها لأي عمالة كورية.
أما شركة ميتسوبيشي التي قامت بتطوير جزيرة "جونكانچيما" فلازالت تُصر على أن جميع التعويضات كانت قد تم تسويتها من خلال معاهدات ما بعد الحرب.
و برغم التضارب الواضح في تصريحات اليابانيين إلا أن عدم وجود أدلة مؤكدة على صحة إدعاءات الكوريين تجعل موقفهم الرسمي للأسف ضعيف.
.
.
.
.
.
و في يوليو الماضي من العام ٢٠١٧ عرضت دور السينما العالمية الفيلم الكوري "الجزيرة المدرعة - Battleship Island" الذي يصف ما كان يحدث على الجزيرة من إدراج العمالة الكورية قسراً للعمل في التنقيب عن الفحم و كيف كان يؤتى بالكوريات من أجل الخدمة الجنسية للجنود اليابانيين.
و برغم أن الحقيقة لا يستطيع أحد أن يعرفها يقيناً، إلا أن التاريخ الأسود للجيش الياباني الإمبراطوري يجعله دائماً محل شك و يبعد عنه أي محاولة للتبرأة من أي أعمال وحشية قام بها تجاه الشعوب الأخرى و حتى تجاه شعبه.
0 التعليقات:
إرسال تعليق