آخر التعليقات

الأربعاء، 5 سبتمبر 2018

تدليس التاريخ بالأفلام

في العام ٢٠٠٦ أنتجت فرنسا فيلم بيحكي قصة ٤ شباب عرب من الجيش الأفريقي إللي تم الزج به لتحرير فرنسا من الإحتلال النازي أثناء الحرب العالمية الثانية.


"جيش أفريقيا - Army of Africa" هو جيش أنشأته فرنسا في القرن التاسع عشر ليقوم بالعمليات العسكرية في المستعمرات الفرنسية بأفريقيا و آسيا حفاظاً على أرواح الجنود الفرنسيين الغالية. حارب جيش أفريقيا في الحرب العالمية الأولى ضمن القوات الفرنسية ضد ألمانيا و كان معظمه من الجزائر و تونس و المغرب. أو بالأحرى من مسلمي الشمال الغربي للقارة الأفريقية. في البداية كانت أعداد المسلمين بالجيش الفرنسي الذين تم الزج بهم للدفاع عن أراضي لم يعيشوا فيها يوماً واحداً طوال حياتهم هو ٣٣ الف و وصل العدد خلال الحرب ل١٣٧ الف جندي من المسلمين الشمال أفريقيين.
في حادثة كانت الأولى من نوعها، استخدم الألمان لأول مرة غاز الكلورين في الحرب بتاريخ ٢٢ إبريل من العام ١٩١٥ و تم توجيهه ضد الفرقة ٤٥ من الجيش الفرنسي. الفرقة إللي كانت جنودها من الجزائريين.
و دا مش موضوعنا لسة.
الفيلم الفرنسي بيتكلم عن نموذج من بطولات القوات المسلمة الشمال أفريقية إللي حاربت في فرنسا ضد العدو النازي. أقسم بالله انا ماشفتش كوميديا ولا سطحية في حياتي زي ما شفت في الفيلم دا. بيبدأ الفيلم بقصة الشباب الجزائري و المغربي و التونسي و هما بيقبلوا إقبال شديد على الإلتحاق بالقوات الفرنسية إللي هاتروح تدافع عن أرض الوطن .... فرنسا.


"نحن أفارقة جئنا من مناطق بعيدة
جئنا من المستعمرات لأرض الأجداد
تركنا ورائنا عوائلنا و بيوتنا
في قلوبنا حماس لا يقهر
و سنتحمل الصعاب للوصول إلى المجد
و للحفاظ على علم فرنسا الغالية
و لن يثنينا أحد
نحن هنا للموت عند قدميها
لنؤكد حبنا للوطن الغالي
جئنا من بعيد لنموت نحن رجال أفريقيا"

الشباب المسلم بيرفع علم فرنسا عالياً و هما بيكبروا و يهللوا و كل ما يضربوا رصاص يقولوا "الحمد لله" و بعين لما ييجي وقت الصلاة يصلوا ما شاء الله بعدين يغنوا النشيد الوطني الفرنسي.


الشباب المسلم الشمال أفريقي رايح في الفيلم متطوع بكامل إرادته علشان يقدم الغالي و الرخيص من أجل تحرير تراب وطنه فرنسا من المحتل الغاشم. التراب إللي عمره ما شافه ولا يعرف لونه و إللي هو تراب الدولة إللي قتلت و حرقت مئات و آلاف المسلمين في بلادهم علشان يحتلوها.
الفيلم بيحكي قصة العلاقة الطيبة بين الجنود المسلمين و قائدهم الفرنسي لدرجة ان واحد من المسلمين حماه بجسده علشان ماتصيبهوش رصاصة من الجيش اللألماني و سقط ميت على أرض المعركة فداءً لقائده الفرنسي.
كمية هريّ غير طبيعي لمجرد توصيل رسالة أن المسلمين كانوا بيتطوعوا في جيش المحتل علشان يروحوا يدافعوا عن أرضه و بلاده إللي عمرهم لا شافوها ولا شافوا ترابها ولا شموا هواها ولا أكلوا من طينها ولا يعرفوا عنها غير أنها أرض الرجال إللي قتلوا آبائهم و أسرهم و أهاليهم و حرقوا بيوتهم و قصفوا قراهم و قتلوا نسائهم و قطعوا رؤوس أبنائهم و شردوا المئات و الآلاف منهم علشان يحتلوا أراضيهم.
جيش أفريقيا إللي شارك في الحرب العالمية الثانية لتحرير فرنسا بعد إحتلالها من النازيين كان أغلبيته من المسلمين. في العام ١٩٤٠ مات أكثر من ٥٤٠٠ مقاتل مسلم خلال الهزيمة التي لحقت الجيش الفرنسي على يد الجيش الألماني و التي أدت إلي إحتلال فرنسا. في نفس المعارك و بعد الهزائم التي لحقت بالفرنسيين، تم أسر ما يقارب ال٦٠ الف جزائري و ١٨ الف مغربي و ١٢ الف تونسي و ٩٠ الف مقاتل مسلم من دول أخرى على يد النازيين.
و في العام ١٩٤٤، كان الجيش الفرنسي الحر الذي أسسه "شارل دي جول" لتحرير فرنسا يقاتل فيه ٢٣٣ الف جندي من مسلمي شمال أفريقيا. الإحصائيات بتقول ان ٥٢٪؜ من أعداد الأفراد اللي ماتوا بالجيش الأفريقي دا خلال عملية تحرير أوروبا كانوا من المسلمين و إللي قُدِّر عددهم ب٤٠ الف مقاتل.
الفيلم المتخلف دا إللي شفته و انا مقهور ان في شباب مابيقراش و مابيبمسكش كتاب و مابيفكرش في البحث عن الحقيقة ممكن يتفرج عليه و يتأثر و يعتقد أن دي حقيقة و أن دا تاريخ و ان دا إللي حصل و ان فرنسا الكيوت إللي هي أوسخ و أشرس إحتلال على مر العصور كان أجدادهم بيحاربوا علشان يبعدوا عن أراضيهم عدو لا يعرفوه ولا دخل بلادهم.
الظريف في الموضوع كمان أن الفيلم دا كان مترشح لأوسكار أفضل فيلم باللغة الغير إنجليزية في العام ٢٠٠٦. و اتعرض في السينمات الأمريكية و في الأوسكار تحت أسم "أيام المجد - Days of Glory". المضحك أن الفيلم ماسموش أيام المجد. الفيلم أسمه بالفرنساوي "Indigènes" ... أو "السكان الأصليين". يعني السينما الأمريكية غيرت الأسم علشان تقدر تروج له تجارياً زي ما بنشوف الأفلام الأجنبية في السينمات المصرية بتاخد أسماء تجارية و نلاقي أفلام بمسميات زي "المقاتل العنيد" و "الشرس و الجميلة" و "الموت للخونة" و مفيش ولا واحد من دول أسمهم الحقيقي كدا أصلاً.
منظومة من التدليس و الغش في التاريخ و الواقع بشكل غير طبيعي.
عرفتوا لية التاريخ مهم و لية المعرفة بيه مهمة ؟ انت عمرك ما هاتدرك الواقع بتاعك من غير ما تعرف انت وصلت لكدا إزاي و انت كنت فين قبل كدا. و للأسف انت سايبه لغيرك يلعب فيه و يكذب و يدلس و يوصلهولك بشكل مختلف تماماً عن حقيقته من أجل أهداف تخدمه في النهاية.
ماتاخدوش معارف من الأفلام.



0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More