آخر التعليقات

الثلاثاء، 7 يناير 2014

المجتمع الصحي السليم




" المجتمع الصحي السليم يملك حداً أدني من إجماع الرأي العام علي مباديء و ثوابت تدخل في تصميم الإعتقاد العام. هناك في المجتمعات الغربية و الوسطي إجماع عام علي الإيمان بالحرية و الديمقراطية، و فصل الدين عن السياسة، و فصل النظام السياسي عن الدولة، و فرض سلطة الدستور و القانون لمنع النظام من احتكار السلطات الثلاث أو الخلط بينها.
منذ نحو نصف قرن، باتت هذة الثوابت و المباديء راسخة لدي الرأي العام الغربي. فهي قضية حياة أو موت لدي المواطن الأوروبي، بحيث أي مساس فيها كاف لإثارة اضطراب اجتماعي واسع، يتراوح بين الثورة و العنف، و تغيير النظام و تداول السلطة عبر الإقتراع الحر.
هل المجتمع العربي يملك حداً أدني من إجماع الرأي العام فيه ؟ أو بالأحري، هل هناك رأي عام في العالم العربي يملك جملة مباديء و قناعات متفق عليها ؟
المجتمع المأزوم، كالمجتمع العربي، لا يستطيع أن يشكل حداً أدني من الإجماع علي مباديء و قيم تعبر عن إتجاهات و ميول عقلانية و منطقية لديه. بل أذهب إلي الإعتقاد بعدم وجود رأي عام عربي مؤثر أصلاً! و دليلي هذة الأراء و الإتجاهات العجيبة المبعثرة التي تعبر عن تناقضاتها و تمزقها في ما تقرأ و تسمع و تشاهد في المجتمع و وسائل الإعلام.
بتفصيل أوضح، أقول أن هناك فارقاً بين الرأي العام و الشارع الشعبي. الرأي العام يعبر عن إتجاه التيارات المثقفة و الواعية سياسياً و اجتماعياً. رجل الشارع تتملكه العواطف و القناعات التي تشكل ردود فعل إعتباطية علي سياسات داخلية و خارجية.
في المجتمع الصحي، يغيب التباين بين الرأي العام و الشارع الشعبي، لأن هناك حداً من الإجماع الواعي علي مباديء و قناعات. في المجتمع العربي المأزوم، تتمزق الآراء و المواقف و القناعات لدي النخبة المثقفة و السياسية. هذا التمزق النخبوي، مضافة إليه القناعة الشارعية و الشعبية المتزايدة بأن الماضي هو طريق المستقبل، و الإحساس بالإنحياز الرسمي الغربي الفاضح ضد القضايا العربية .. كل ذلك يجعل موقف النخبة و الشارع غائماً فوضوياً، و يستحيل الركون إليه كتعبير عن اتجاه أو موقف عام نافذ و مؤثر في القرار السياسي.
و هكذا، فالحرية ليست الهم الأول في المجتمع المأزوم. الأمن هاجس النظام. الخبز هاجس المجتمع المحروم. حتي الحرية ليست في المقام الأول لدي المثقف السياسي العربي. "
~ "الإعلام التضليلي - دور الدعاية و الإعلان الغربية في تشويه صورة الإسلام" - عبد الحليم حمود.

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More