تولى السيد "هاري لوجين" رئاسة المكتب الأمريكي لتحسين النسل منذ تأسيسه في العام ١٩١٠ حتى إغلاقه في العام ١٩٣٩ بكونه مختصاً في مجال "تحسين النسل" و كان أحد أكثر الناشطين في التأثير على السياسة الأمريكية و خاصةً بشأن التشريعات الخاصة بالتعقيم الإلزامي.
في العام ١٩٢٤، قامت ولاية "ڤيرچينيا" بسن قانون ينص على السماح بالقيان بعمليات التعقيم لمن يتم توصيفهم بكونهم "مواطنون غير صالحون - Unfit" و ذلك بناءً على نموذج وضعه "هاري" في العام ١٩٢٠. شملت الفئة الإجتماعية الفير صالحة جميع المواطنين الذين يعتمدون على مساعدة الدولة لإستمرار بقاؤهم.
في العام ١٩٢٧، جرت محاكمة شهيرة جداً حملت أسم "باك ضد بل - Buck vs. Bell" تطالب بوقف عمليات التعقيم بكونها مخالفة للبند ال١٤ من الدستور الأمريكي الذي يمنح جميع المواطنين الحق في المواطنة و المساواة، إلا أن المحكمة العليا الأمريكية (أكبر محكمة بالولايات المتحدة الأمريكية) قضت بعدم تعارض القانون مع الدستور الأمريكي و بنوده. البند رقم ١٤ هو نفس البند الذي حكمت من خلاله المحكمة العليا الأمريكية بأحقية الشواذ في الزواج.
منذ العام ١٩٢٤ حتى ١٩٧٩، قامت ولاية ڤيرچينيا وحدها بتعقيم أكثر من ٧ الاف مواطن أمريكي طبقاً لذلك القانون و لحقت بها ٢٩ ولاية أخرى من بين ال٤٨ ولاية في ذلك الوقت و هذا بعد قرار المحكمة الدستورية في العام ١٩٢٧ بصحة القانون و عدم مخالفته للدستور.
شملت الفئات التي جرى تعقيمها إلزاماً "المجرمون" و "الفقراء" و "الفئات العرقية الغير بيضاء" و ذلك بكونها "فئات غير صالحة". معظم تلك الفئات التي تعرضت للتعقيم كانت من ذوي الأصول المكسيكية و الأفريقية، حتى أن في "بورتوريكو" وحدها، و التي تقع تحت الحكم الإداري الأمريكي برغم عدم نيل سكانها حق المواطنة كبقية سكان الولايات الأمريكية، تم تعقيم ثُلث النساء بين العام ١٩٣٧ و ١٩٦٨.
ذلك القانون كان سبباً في تعقيم أكثر من ٦٠ الف مواطن أمريكي من الفئات الضعيفة إجتماعياً أو عقلياً.
في العام ١٩٣٣، قامت المانيا النازية بتبني نموذج "هاري لوجلين" لإجراء عمليات التعقيم ذاتها من خلال تشريع قانون يقر بها تحت شعار "الوقاية من ذرية مريضة" و تم تطبيقه على الفئات التي صنفتها "محكمة الصحة الچينية" و التي كانت معظمها لا تعاني من أي أمراض چينية. و عبر ذلك القانون قامت المانيا النازية بتعقيم أكثر من ٤٠٠ الف شخص أكثرهم بسبب عدم كونهم "المان خالصون" غير منتمين للجنس "الآري".
أشهر الوسائل التي كان يتم تصنيف الفئات الضعيفة من خلالها كانت إمتحانات الذكاء أو ما يُطلق عليه الIQ و التي تم إبتكارها في بدايات القرن العشرين و إحتضنها علماء تحسين النسل لإثبات أن القوميات الأخرى، من دون أصحاب البشرة البيضاء، و الفقراء هم أدنى عقلاً. حتى أن د/"لويس تيرمان" عالم النفس الأمريكي و الذي كان رائداً في علم النفس التعليمي و الذي تخرج من جامعة ستانفورد العريقة و الذي عُرف بمراجعته لنموذج تحليل الذكاء و اشتهر بكونه متخصصاً في مجال تحديد النفس قال في العام ١٩١٦ : {إن النقص الشديد في الذكاء منتشر بصورة قوية للغاية بين الهنود الأسبان و الأسر المكسيكية و أيضاً بين الزنوج}.
و في العام ١٩٢٢ قدم د/"كارل بريجمان" ورقة علمية ليثبت من خلالها أن الذكاء بالولايات المتحدة في تناقص بسبب عمليات الهجرة إلى البلاد و إختلاط الأنساب.
كان د/لويس تيرمان أيضاً عضواً بجماعة "تحسين الإنسان بنورث كارولينا" و التي كان ينتمي إليها العديد من رجال الصناعة و الأعمال في ذلك الوقت مثل "د.كلارنس جامبل" وريث شركة "بروكتر آند جامبل" الذي ساعد في تأسيس الجمعية في العام ١٩٤٧.
و برغم توقف عمليات التعقيم التي استمرت حتى السبعينيات، إلا أن ذلك القانون الذي أقرت المحكمة العليا صحته و دستوريته في العام ١٩٢٧، لم يتم نقضه حتى يومنا هذا أو إلغاءه أو حظره.
حتى أن الإعلان الذي تقدمت به الجمعية العامة بولاية ڤيرچينيا كان ينص على أنها تتقدم بالإعتذار {لإساءة إستخدام "الآراء العلمية المحترمة" لتغطية أنشطة أولئك الذين اعتنقوا آراء عنصرية صارخة}.
و لا يجب أن نتغافل عن الآراء التي كان يتم الإشارة اليها في يوم ما بكونها ثوابت علمية و كانت السبب في أذى الكثير من بني البشر. و بأسم العلم.
بالضبط كما تم إلغاء الشذوذ الجنسي من تصنيف الأمراض النفسية و إقناع بني البشر بأنها حقيقة علمية لا جدال عليها.
أو كما تم تثبيت نظرية "التطور" و طمس جميع الإثباتات العلمية التي تؤكد فشلها و عدم جدوتها و إضطهاد جميع من يتقدم بورقة بحثية علمية تفيد بكذب النظرية و كذب أصحابها.
مصادر :